المعاناة في صمت : هوية المسلم الجديد

من الأيام الفاضلة من ذو الحجة الى صباح الاعياد المباركة ، نحن نقدر هذه الأيام الهامة المليئة بالعبادة، والتجهيزات الاحتفالية واللحظات المشتركة التي من ضمن ثقافة المسلمين عبر المجتمعات. المسلمون في الغرب- خاصة المهاجرون وأهالي المهاجرون- يتذكرون الأعياد الدينية التى قضيت  في بلادهم ويشتاقون لصنع وإعادة هذه اللحظات في وطنهم الجديد. في نفس الوقت طرح هذه الأهمية على ترتيباتهم الخاصة قد تأخذ الانتباه من مساعدة وخدمة المسلم الجديد في مجتمعهم في وقت هم  بحاجة دعم اجتماعي. إحدى القضايا التي تتغاضى عنها المجتمعات المسلمة في الغرب هي “رعاية المسلم الجديد” ، أي إظهار التعاطف والتقدير لمن يُنسى غالبا في المجتمع. المسلمين الجدد هم من خلفيات متنوعة ومستويات تعليمية ومعرفة إسلامية مختلفة ، لكنهم يعانون بشكل عام من الإهمال خلال أكثر الأيام فضيلة للمسلمين ومناسبات العيد المبهجة. في منشور بعنوان “دخول الإسلام كعبور عرقية ودينية.” الكاتبة جوليات جالانير تكتب أن المسلمين الجدد من الأمم المتحدة وفرنسا يعتقدون أنهم،

 أفراد قادرين على الهروب من قولبة المجتمع لأجل إعادة الاتصال  بذاتهم الداخلي الاصلي .  

ولكن جالانير تذكر مشاكل مثل الغيظ والإهمال التي تجعل منظور الذات الداخلي معقد . نحن كمسلمين غالبا نفخر بواجباتنا المجتمعية، ولكن نفشل في ضم المسلم الجديد إلى هذه المجتمعات. وهذا يؤدي إلى الشعور بالوحدة وعدم الاستقرار والانتماء. الحقيقة المحزنة والمؤسفة أن المسلمون الغرب غير مدركون بمعاناة المسلم الجديد الصامتة في مجتمعاتهم وأولئك الذين على علم، غير مؤهلين للمساعدة. 

فضيلة الانتماء 

هناك راحة نفسية في الشعور بالانتماء- سواء كان من الاهل او الأصدقاء، او بصورة أوسع، مجتمع ديني. الانتماء يعتبر غطاء محيط من المنافع الذي يقوم بحماية معظم الناس من الوحدة والعزلة. علم النفس الاجتماعي يقول لنا أن الانتماء هو شعور يسعد البشر، فهو من ضمن الفطرة والطبيعة أن نبحث عن دوائر مشتركة. هذا شيء مذكور في تسلسل ماسلو للاحتياجات، حيث يذكر أن الانتماء هو خطوة مهمة في الوصول لتحقيق الذات. التسلسل يذكر ان الشخص لا يستطيع الوصول الى التحقيق الذاتي إلا بعد تحقيق الحاجة للانتماء. هذا يعني أن الذين لا يستطيعون إيجاد الشعور بالانتماء ليس فقط أنهم لا يستطيعون الوصول  إلى إمكانياتهم الكاملة ولكن بالنسبة لماسلو،  قد يصلون إلى درجات معينة من الوحدة والاكتئاب والقلق لأنهم محرومون من العلاقات العاطفية. بالنسبة للمسلمين الجدد، فهو من الواضح أن الوحدة التي يشعرون بها خاصة خلال الأعياد الدينية تنبع من الشعور بعدم الانتماء للمجتمعات التي أهملت وجودهم.  برغم أن المسلم الجديد عنده دافع ذاتي ليكون جزء من مجتمعه المسلم، ولكن نقص القبول والتواصل المجتمعي يبعدهم عن الشعور بالانتماء. 

بصورة أوسع، الاستبعاد له تأثيرات سلبية وعاطفية ونفسية. على الرغم ان اثار الاستبعاد غالبا ينظر اليها على انها مجرد حزن، هناك تأثير متتابع في انخفاض الكفاءة الذاتية. في بحث أجراه علماء النفس، دومنيك ابرامز وهوزي ماركس بعنوان “علم النفس الاجتماعي للاندماج والاستبعاد.” البحث يذكر أن الانخفاض في الكفاءة الذاتية يسبب مشاعر غضب واحباط وقلق. هذا رد فعل عاطفي مباشر للخوف من فقدان دعم ودوائر اجتماعية وإمكانية الحصول على مصادر. إذا طبقنا هذا المنطق على المسلمون الجدد، يصبح من الواضح، حتى لو على مستوى عاطفي، كيف من الممكن للمسلم الجديد أن يبدأ في الشك حول إيمانه على الرغم من عدم وجود شكوك دينيه. رد الفعل السلوكي للاستبعاد هوغالبا الابتعاد او الانسحاب من هذه الدوائر الاجتماعية المقصرة. المجتمع  يعتبر عامل رئيسي في تقاليد المسلمين ولذلك ردود الفعل السلوكية  قد تكون مضرة لإنشاء إيمان المسلم الجديد. الواقع القاسي  للكثير من المسلمين الجدد أن بغض النظر عن تهنئات وتكبيرات العيد والعناقات في المسجد بعد صلاة العيد، يصبحون وجوه متجاهله في أعين المجتمع. 

الاخت مانكا حسن من  “شؤون المسلم” (مسلم ماترز)  كتبت مقالة عن تجاربها الشخصية كمسلمة جديدة بعنوان “في عصر الإسلاموفوبيا، لماذا المسلمون الجدد يتركون الاسلام”  بعد اخذ الشهاده، قوبلت بترحيب اختفى بعد لحظات، كتبت، 

يفترض الكثير ان هناك من يساعدنا او قد اصبح صديقنا ولكن في الحقيقة معظمنا نقضي العيد ونفطر لوحدنا.

وصل بها الأمر أنها توقفت عن الذهاب الى الإفطار الجماعي لأنها لم تعد تريد أن تشعر بانها غريبة. 

برغم انها تقول ان المسلمين الجدد يتم الترحيب بهم بكلمات لطيفة، لكنهم لا يزالون يجلسون بمفردهم في المجتمعات. ثم قالت، 

ننفرد لوحدنا، (وهذا خطرجدا) لاننا لا نريد الشعور وكأننا مازلنا من الخارج.

هذا يؤيد البحث النفسي الذي قاما به ابرامز وماركس أنه رد الفعل المباشر للاستبعاد هو الانسحاب من هؤلاء المهملون. ويقوم أيضا بلفت الانتباه الى الهيكل الاجتماعي الفاسد داخل مجتمعنا وآثاره الضارة على المسلمون الجدد. 

هوية المسلم الجديد وصعوباتها 

ليس هناك هوية عالمية للمسلم الجديد. كل مسلم جديد له قصته الخاصة وتطوره الخاص في إيمانه. بعض المسلمين الجدد قد يجدون دخولهم الإسلام سهل بسبب الدوائر الاجتماعية او عائلة منفتحه ومرحبه. والبعض الآخر قد لا يملك هذه الميزة وقد يواجهون صعوبة في الانفصال الروحي عن احبابهم أو المهمة الصعبة وهي البحث عن تدريب ديني وروحي بأنفسهم. يبدأ العديد من المسلمين الجدد رحلتهم كمسلمون جدد مختبئون. يجعلون إسلامهم سرا لتجنب القضايا العائلية. ولكن الأغلبية يتفقون على أن بعض جوانب دينهم وإيمانهم كان معزول منذ البداية.  من المهم فحص عقليات المسلمين الجدد قبل بناء انظمة دعم لمساعدتهم.  مع أن جميع المسلمين الجدد قد لا يمتلكون نفس العقلية، إلا أنهم يمتلكون حماسا دينيا يمكنهم من إعطاء الاولوية لهويتهم الإسلامية في حياتهم اليومية.المصطلح المصاغ “بروز الهوية” والتسلسل الهرمي البارز، هما نظريات تشير إلى أن هناك عوامل مساهمة لها أهمية أكبر في التسلسل الهرمي للهويات المتعددة التي تجعلنا من نكون.” {١} لا شك أن الهوية الإسلامية تتسلق طريقها الى المكانة العليا لهذا التسلسل الهرمي ولكن ليس بدون محنه. 

في دراسة من قبل “شؤون الإيمان” (فيث ماترز) عام ٢٠١٠، تم دراسة مجموعة مركزة من المسلمين الجدد عن تجاربهم كمسلمين جدد. تم طرح سؤال وثيق الصلة بالموضوع وهو عن الصعوبات التي واجهتهم بعد إسلامهم. تشير نتائج البحث الدراسي إلى أن نصف المجموعة الذين  تم دراستهم لديهم صعوبات في التقبل داخل المجتمع المسلم المحلي.  وما يقارب من النصف الذين يواجهون مشاكل في تحديد مواقع شبكات دعم المسلمين المستجدين واسترجاع معرفة اصليه عن الإسلام. {٢}  البحث يثبت الفكرة بوضوح أن المسلم  الجديد يجد صعوبة بالانتماء لمجتمع. إذا كانت المجتمعات قادرة على تصحيح أسلوب تعاملهم تجاه المسلمون الجدد ورعاية بيئة ترحيبيه لكي يزدهرون, قد يحل القضايا الأخرى المذكورة في الدراسة مثل البحث عن المعرفة والتفاعلات بين الجنسين وآداب الإسلام. نقطة اخرى مهمة للتركيز ان اثنين من كل ثلاث مسلمين جدد تم دراسته كان لعائلاتهم موقف سلبي تجاه دخولهم للإسلام. تخيل الصدمة التي يعاني منها المسلم الجديد الذي فقد الألفة العاطفية داخل منزله ومع هذا يجد نفسه منبوذاً ومُرد من على أبواب المساجد. من أجل المسلمون الجدد ومستقبل الإسلام في المجتمع الغربي يجب علينا هزيمة المخاوف الرئيسية التي من ضمنها فكرة أن المساحات الإسلامية التقليدية مخصصة لثقافات او خلفيات معينة. 

 ايجاد حل

كوريتا سكات كنج قالت، 

تقاس عظمة المجتمع بدقة أكبر من خلال الأعمال الخيرية من قبل اعضائها. 

في كثير من الأحيان يختار المجتمع الاسلامي  البحث عن رضا النفس عبر التكبيرات الترحيبية بدلا من الرعاية والعناية اللازمة التي يجب أن يحصل عليها الشخص عند دخوله الإسلام. عادة وبشكل خاص في الأعياد والمناسبات الدينية يقال للداخلين الإسلام بأن أفضل طريقة للتعامل مع قضايا الوحدة والانفصال الروحي والتوترات العائلية هي ان يتذكروا ان “الله معهم”. وهذا يعتبر خطرا قد أصبح مجتمعنا راضيا عنه. مع أنه يجب عليهم إدراك أن الله معهم خلال معاناتهم، إلا أنه ليس مبررا لغياب المجتمع الإسلامي. حقيقة ان الله دائما معهم ويراقبهم يجب ان تدفعنا ان نكون معهم ايضا. 

كثير من المسلمين الذين يساعدون المسلمون الجدد يفعلون ذلك عن طريق نشر المعرفة عبر الكتب، لأننا نشعر بانطباع أنه ينقصهم الفهم الديني. ما نفشل في إدراكه هو أنهم بحاجة اكبر الى الرفقة. في كثير من الأحيان الصورة النمطية للمسلم الجديد هو معروفة بأنهم ضعفاء في الإيمان و مترددون في يقينهم. ولكن في الحقيقة هذا ليس الواقع. في بحث أجراه بيو ريس ارتش، أولئك الذين تحولوا الى دين لديهم التزام ديني اعلى من أولئك الذين ولدوا في دين. عندما يتعلق الأمر باشياء مثل الصلاة (٧٠% من المستجدين يصلون كل يوم مقارنة ب٦٢% من غير المستجدين. ) والاهمية الشخصية للدين (٦٩% من المستجدين يقولون إن الدين مهم بالنسبة لهم  مقارنة ب ٦٢% من غير المستجدين.) مع أنه من المهم توفير المواد اللازمة لتنمية فهمهم الإسلامي، الا أنه من المهم أيضا تعليم المسلم الجديد من خلال أفعالنا ورفقنا. يجب علينا أيضا أن لا نقلل من شأن المسلمين الجدد وكأنهم غير قادرون على الحصول على المعرفة الإسلامية والمنح الدراسية. المسلمون الجدد مثل السراج الوهاج، وحمزة يوسف، ويوسف استيس اتخذوا مواقع قيادية داخل مجتمعنا  وشكلوا الإسلام الغربي. 

يجب على المساجد والمراكز الإسلامية الابتعاد عن “صناديق الشهادة” المليئة بالكتب والمنشورات ويتجهون نحو نمو متوازن من خلال الإرشاد والقراءات الاضافية والاخوة. هناك طرق من حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة يمكننا أن نلاحظها و ننفذها في دوائرنا. مثال ذلك، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم غالبا يطابق الصحابة معا. مثال معروف  من هذا هو مطابقة سلمان الفارسي، شخص وجد الإسلام، مع أبو الدرداء، عالم معروف وزاهد في ذلك الوقت. بعد وقت قصير من وضعهم معا، قام سلمان بتصحيح نمط حياة أبو الدرداء بعد مراقبة عاداته الاجتماعية والعائلية. عندما أخذ أبو الدرداء هذا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رد النبي صلى الله عليه وسلم،

صدق سلمان {٣} 

هذا المثال يكفي لإثبات فوائد الرفقة، ليس فقط  للمسلمين الجدد، ولكن لكلا الطرفين .  علم سلمان أبو الدرداء، وهو رجل متعلم في الدين، رغم أنه مسلم جديد. 

يجب ان ننظر الى المسلمين الجدد بتعاطف بدلا من رواة قصص الذين يجعلوننا نشعر بالرضا عن ايماننا. يجب أن نبتعد عن الفكرة إن المسلم الجديد عبارة عن سلعة ونبدأ بأنسنة تجاربهم من خلال تقبل ما يشعرون به. كما يقول المثل الإفريقي “يتطلب قرية لتربية طفل” يجب أن ينطبق بشكل أنه  “يتطلب مجتمع لتربية مسلم” ويجب علينا ان ندرك اهمية المجتمع في جميع نشأتنا حتى نتمكن من السعي لنكون مصدر اجتماعيا لأولئك  الذين غالبا منسيين.

Works Cited: 

  1. Peek, Lori. “Becoming Muslim: The Development of a Religious Identity.” Sociology of Religion, Vol. 66, No. 3, 2005, p. 217.
  2. Bryce, M.A. Kevin. A Minority Within a Minority: A Report on Converts to Islam in the United Kingdom. Swansea University (UK), p.27, https://faith-matters.org/images/stories/fm-reports/a-minority-within-a-minority-a-report-on-converts-to-islam-in-the-uk.pdf.
  3. https://sunnah.com/bukhari/78/166

Photo Credit: Fabrizio Verricchia


About the Author: Sanjay Subhag is a Computer Science and Islamic Studies student. His interests include poetry, comparative religion, and all things technology. You can follow him on Twitter here.

About the Translator: Safa Kassim is a Yemeni American student of psychology and Arabic. Her passion lies in translating literature, using her skills to make knowledge accessible to all those who seek it. You can contact her at [email protected].

Leave a Reply